أهم عقبات الاحتلال المباشر للمنطقة
إن من أهم العقبات -إن لم تكن أهمها- للسيطرة الفعلية المباشرة على المنطقة أن الاحتلال العسكري المكشوف أصبح مرفوضاً على الصعيد العالمي كله، حتى داخل أمريكا نفسها له معارضة قوية، لكن أقوى معارضة له بالطبع من دول المنطقة وشعوبها التي ستثور على المحتل وإن طال الزمن، ومع أن الروابط القوية التي تربط حكومات المنطقة بـأمريكا لا تخفى، فإن رفض الوجود الأمريكي الصريح هو ما تعانيه هذه الحكومات دوماً؛ بل لا تريده أصلاً.
ولهذا لم يَلقَ الإلحاح الأمريكي للسماح بقواعد عسكرية في المنطقة أذناً صاغية، كما رفضت دول المنطقة الدخول في حلف مباشر مع أمريكا، بل رفض بعضها وخاصة العراق والمملكة فكرة الفراغ الأمني نفسها، وهذا الأمر بالإضافة إلى اتفاقية (كامب ديفيد) وذيولها أدى إلى وقوع خلاف واضح بين أمريكا والمملكة، ووصل إلى درجة أن كلاً منهما بدأ يفكر في بديل لعلاقاته مع الآخر.
فأما المملكة فقد لوحت مراراً بإقامة علاقات مع الاتحاد السوفييتي، ووطدت فعلاً علاقاتها بـفرنسا، وشرعت في علاقات مع الصين، وأهم من ذلك أنها وجدت في العراق الجار القوي الذي يتفق معها في هذا الهدف، فوطدت العلاقات بين البلدين بشكل لم يسبق له نظير من قبل، وغضت أمريكا الطرف عن ذلك لأسباب، منها: أنه عمل قومي بحت لا تريد الإثارة حوله، ومنها: أن ذلك يساعد على توازن القوى مع إيران كما سبق، ومنها: أن العراق تخلى عن راديكاليته تجاه الغرب، بل ضرب الحزب الشيوعي العراقي بقوة.
أما أمريكا فقد استبدلت بـالسعودية سلطنة عمان [الدولة العربية التي وقفت مع مصر السادات حينئذ] ولها في ذلك مبرر استراتيجي واضح وهو أن مضيق هرمز تابع سلطنة عمان، وهو الممر المائي الوحيد للخليج الذي يمر منه -حينئذٍ- (95%) من نفط الخليج كله، والسيطرة عليه سيطرة على الخليج كله في الواقع، وتجنباً للقول بأن أمريكا تتحكم في المنطقة ومضاعفات ذلك دولياً.